مراجعة الموسم الأول من أنمي The Promised Neverland: واقع مُزيّف ومستقبل مجهول!

صدرت في الآونة الأخيرة العديد من أعمال الأنمي القوية، والتي برهنت على أن عام 2019 عام واعد جدًا مقارنة بالأعوام والمواسم الماضية، لكن يظل أنمي واحد فقط هو الذي تربع على عرش تلك الأعمال كلها حتى وقت كتابة هذه الكلمات. ألا وهو أنمي The Promised Neverland، أو نيفرلاند الموعودة.

لقد كنت من أصحاب الحظ الذين بدأوا مانجا ذلك الأنمي منذ فترة كبيرة جدًا، وأتابعها فصلًا فصلًا، وجاء الأنمي ليُكلل متعتي فعلًا. اليوم يا رفاق سوف نتحدث عن الأنمي الواعد جدًا لهذا لعام، اربطوا الأحزمة جيدًا، فلدينا حبكة مميزة هنا يا سادة!

* المراجعة خالية من الحرق تمامًا *

القصة:

تتحدث القصة عن مجموعة أطفال يعيشون حياة هانئة في ملجأ للأيتام، وترعاهم سيدة نقيّة القسمات ودائمة رسم البسمة على محياها، ويُناديها جميع الأطفال بالـ (ماما). وتلك الماما في القصة تُدعى (إيزابيلا). ولا تتركهم إلا وهم على أكمل وجه من مأكل ومشرب وملبس وصحة نفسية وكافة شيء. وأيضًا تقوم بتدريسهم كل العلوم المختلفة، وتقوم بعمل امتحانات يومية لهم لضمان ارتفاع معدل ذكائهم، وتسهر على راحتهم أيّما سهر.

لكن الأوقات الجميلة لا تدوم للأبد، فعند وصول عيد ميلاد أحد الأطفال، يتصادف أن تأتي عائلة راعية لتأخذ الطفل ليعيش معها، ثم يودعه الآخرون بمزيج من الفرحة والحزن بسبب الاشتياق. لكن في الواقع تلك العائلة الراعية ما هي إلا وحوش ضارية تأكل هؤلاء الأطفال، وتقوم (إيزابيلا) نفسها بتسليمهم إليها!

الآن يكتشف ثلاثة أطفال من الملجأ ذلك الواقع المأساوي، ويُخططون للهرب بالرغم من كل شيء. فهل ستنجح محاولاتهم؟ هذا ما ستعرفوه عند مشاهدة الأنمي!

لماذا هذا الأنمي مميز؟

أسلوب الإخراج غير التقليدي

في الواقع هناك العديد والعديد من العناصر الجيدة جدًا في هذا الأنمي، لكن الشيء الذي لفت نظري بدرجة كبيرة هو الأسلوب الإخراجي. فبدلًا من أن يتبع المُخرج أسلوب الإخراج الطبيعي لأي أنمي حرب من أجل البقاء (وهو الأسلوب الحماسي الشديد الذي يعتمد على الكر والفر والمشاهد الواسعة كأنمي Attack on Titan)، قرر أن يتبع أسلوب أفلام الرعب لإيصال الخوف النفسي للشخصيات، ونجح بالفعل.

اتبع الأنمي أسلوب الرعب في تقديم المشاهد، فالموسيقى خدمت الحركة البطيئة للأحداث ومعها زوايا الكاميرا القريبة جدًا من الوجوه، كل ذلك صنع المزيج الإرعابي المُحبب إلينا جميعًا.

التركيز على الصراع النفسي

قام الأنمي بتقديم وجبة دسمة من الصراعات النفسية. فبالرغم من أن في تلك الشريحة من الأعمال يتم التركيز على الصراع العام من أجل تقوية الحبكة، إلا أن الكاتب عَمَدَ إلى تقويتها عبر التركيز على إبراز ردود أفعال الشخصيات على ما يجري من جهة، وعلى أفعال بعضها البعض من جهة أخرى.

وذلك مردوده كان رائعًا حقًا، فقد وضعني في حالة من الاندماج التام مع عقول الشخصيات وطريقة تفكيرهم، فبالتالي جعلني أدرس وأُحلل الوضع مثلهم، وأحاول توقع حركاتهم القادمة، وهذه نقطة تُحسب لصالح عنصر التشويق دون شك، والتي برع الكاتب في تقديمها بطريقة غير مباشرة.

الأنمي قصير (12 حلقة فقط)!

أجل، ذلك ضممته لعناصر التميّز لأنه ساهم بدرجة كبيرة جدًا في جعل هذا الأنمي مباشرة ومُدببًا نحو الهدف. صِغر عدد الحلقات كان مناسبًا لطبيعة الحبكة التي في الأساس تعتمد على بطء الأحداث لإيصال الرسالة النفسية للضياع والتشتت، فإذا كان الأنمي طويلًا (24 حلقة فأكثر)، لكان ذلك البطء ملحوظًا وبدأ المُشاهدون بترك الأنمي بالتدريج. لكن هذا القِصر جعل المُتابعين متأهبين جدًا للموسم الثاني بالفعل!

الشخصيات

هنا لا يمكن أن أقول أن هناك شخصيات رئيسية وشخصيات ثانوية، في الواقع هنا جميع الشخصيات رئيسية. الحبكة بالمُجمل تتمحور حول الأطفال ذوي السن المرتفع نسبيًّا والذين أدركوا الوضع المأساوي بالتدريج، فبالتالي لا يمكن اعتبار باقي الأطفال على أنهم شخصيات ثانوية أبدًا، لأنهم لا يظهرون بخلفية الأحداث إلى كخرير الماء البسيط في مشهد لأحصنة تطوي الأرض طيًّا. وجودهم كعدمه بالنسبة للحبكة، فلا يلعبون دور الشخصية الثانوية لأنها في الأساس يكون لها دور بسيط، لكن هؤلاء ليس لهم دور من الأساس سوى أن تتم محاولة إنقاذهم من قبل أبطال القصة الذين تم إبرازهم في المشهد العام.

لذلك كان الاهتمام بكتابة الشخصيات ممتازًا من وجهة نظري، كل شخصية لها خلفية ولها دوافع، وتتناسب أفعالها مع خلفياتها، فلا تجد أفعالًا اعتباطية تجعلك تتسائل: “لماذا بحق الجحيم فعلوا هذا”؟ وتلك الكتابة الجيدة للشخصيات جعلتني أتعلق بها، وعلى وجه الخصوص شخصية (نورمان)، الذي دوره قويّ جدًا بالأحداث.

الرسم والتحريك

الأنمي من إنتاج استوديو CloverWorks الذي أنتج العديد من الأعمال الجيدة في الفترة الأخيرة مثل Darling in the FranXX و Seishun Buta Yarou wa Bunny Girl Senpai no Yume wo Minai.

تميّز الرسم بالتسطيح والبساطة، وذلك التسطيح جعل الأجواء العامة مخملية جدًا في الواقع ومُريحة للعين بشدة. فبدلًا من أن يكون الرسم مليئًا بالحِدة في التفاصيل، لا، كان الرسم ناعمًا جدًا. كما أنه يجب الإشارة إلى أن الاستوديو أبدع في رسم المناظر الطبيعية الواسعة، خصوصًا في الحلقات الأخيرة.

بجانب أن التحريك كان جيدًا جدًا، ولا توجد لديّ أي ملاحظات عليه.

الموسيقى

الموسيقى من الأشياء التي لمست قلبي حقًا. في الواقع هي ليست متناسبة مع الأحداث والسيناريو فقط، بل أيضًا متناسبة مع الحالة النفسية التي وضعك الأنمي فيها. تميزّت الموسيقى بالتنوع كذلك، فلا تجد موسيقى تصويرية ذات ثيمة واحدة أو تتشارك حتى نفس البناء الموسيقي.

وإليكم بالأعلى أقرب المقطوعات إلى قلبي، والتي تم عزفها بآلة العود الوترية في الحلقة الأخيرة من الأنمي، والتي أذابت قلبي كما أذابت عيني وجعلتني أبكي كما لم أعتد من قبل. واسم المقطوعة بالعربية هو (تهويدة إيزابيلا).

رأي شخصي

أنمي مميز جدًا، أنمي واعد جدًا، وسيكون واحدًا من أفضل أعمال الأنمي على الساحة في الفترة القادمة، وأُراهن على ذلك تمام الرهان. إذا لم تشاهده بعد، فأنصحك بفتح أول حلقة منه بعد إغلاقك لهذا المقال مباشرة.

نتمنى أن تكون المراجعة قد نالت إعجابكم، ونراكم في المزيد من المراجعات على أنمي ماستر!

أحمد سامي
عن الكاتب |
%d مدونون معجبون بهذه: