
تمرُّ السنين وتتغيّر الوجوه والآراء والأعمال المنتَجة في صناعة الأنمي، ومع هذا التغير المستمر يستمر ظهور أنميات جديدة تحقق نجاحًا وشعبية وتضع نفسها في مكانة متميزة بين المتابعين لتصبح منارةً لكل مُقبل جديد على مشاهدة الأنمي أو لكل من يبحث عن عمل يُعيد له شغف المشاهدة من جديد. بداية من أعمال مثل كاندام Gundam و “مازينجر” و“قبضة نجم الشمال“، مرورًا بـ “دراغون بول” الذي غير معالم صناعة الأنمي للأبد، وأنمي “سايلر مون Sailor Moon “الذي قدّم عملاً ببطولة نسائية فريد من نوعه.
جميعها وغيرها كانت أعمالًا جديدة وقت عرضها وحققت نجاحًا منقطع النظير لتصبح بعد ذلك كلاسيكيات يتذكرها جيل الثمانينات والتسعينات بحنين، ويتطلع لرؤيتها الأجيال الجديدة، وسوف تستمر تلك العجلة في الدوران.
لكن اليوم دعونا نلقي نظرة على بعض كلاسيكيات الجيل الجديد وكيف تشكّلت السطور الأولى لهم،
وماهو مصير الكلاسيكيات الحالية يا تُرى؟
كما تحدّثنا وكما هو معروف كذلك، تصدر كل عام العشرات من أعمال الأنمي، وكثير منها يُحقق نجاحًا وشعبية كبيرة، ولكن قليل منهم مَن تستمر شعبيته ونجاحه لسنوات تالية.
وإذا جلسنا لحظات الآن لنتذكّر أنميات صدرت خلال العقد الأخير على سبيل المثال، وكيف كُنا نتشوق لمشاهدة الحلقة الجديدة، وأن نعرف ما سيحدث، والآن تجد نفسك ربما قد نسيت بعض التفاصيل، أو أن حتى حبك لهذا العمل قد خفَت قليلًا! وهذا ليس عيبًا أو تقليلًا من العمل، لكنها سُنّة الحياة، فأن يتمكن عمل من الاستحواذ على حبك وشغفك له يحتاج أن يكون عملًا غاية في التميز والاتقان، بجانب بعض العناصر الأخرى. ولكن كيف يمكن تحديد العمل الكلاسيكي وعلى أي أساس؟
في عام 2013 كانت صناعة الأنمي تمرُّ نوعًا ما بحالة من الركود، على الرغم من وجود أعمال كبيرة وقوية مثل ما يطلق عليهم اسم الثلاثة الكبار في ذلك الحين، بليتش – ون بيس – ناروتو، ولكن على الساحة بشكل عام لم يكن هناك عمل يمكن الإشارة إليه كونه حامل الراية الجديد، خاصة وأن تلك الأعمال السابق ذكرها قد بدأت خلال التسعينيات أو أوائل الألفية الجديدة.
ولكن في السابع من أبريل في ذاك العام، عُرضت الحلقة الأولى لأنمي هجوم العمالقة Attack On Titan ليتغير كل شيء بعدها! أصبح العالم أمام أنمي قادر على تجاوز الحدود والتقاليد، أنمي يُقدم شيئًا مختلفًا، أصبحنا نشاهد أنمي مشهور لكنه في نفس الوقت يقدم قصة وعالم سوداوي وكئيب بعكس الأعمال الشعبية في ذلك الوقت. ولحسن الحظ أن فكرة ردود الفعل المباشرة على مشاهدة الأعمال التلفزيونية كانت فكرة ناشئة على منصة اليوتيوب، وبظهور فيديوهات لأشخاص يشاهدون حلقات مثل الحلقة الأولى والخامسة على سبيل المثال من الموسم الأول، ازدادت فرص هذا العمل في الانتشار وذياع صيته داخل وخارج اليابان للدرجة التي استدعت شركة كبيرة بحجم Marvel إحدى كبرى دور نشر القصص المصورة على سطح الأرض للتعاون مع مانغا هجوم العمالقة لشعبيته الطاغية داخل الولايات المتحدة!
اقرأ أيضًا: مراجعات أنمي ماستر: الموسم الرابع والأخير من هجوم العمالقة (النصف الأول)
ولكن هل يكفي نجاح موسم واحد ليطلق على العمل كلاسيكي؟ لا أظن ذلك، فكَم من أعمال تحقق هذا النجاح، ولكن بالنظر لكوننا على مشارف النهاية والأنمي لا يزال مستمرًا في تحقيق الشعبية، وكيف أن كثيرين على اليوتيوب بدأوا في متابعة هجوم العمالقة لأول مرة هذا العام، وكيف يسيطر العمل وحلقاته دائمًا على الأكثر تداولًا ليوم كامل بعد عرض إحدى حلقاته بشكل أسبوعي، وكيف حصلت معظم حلقاته على تقييم 8 أو أكثر، حينها ينبغي أن نقف قليلًا وندرك أننا أمام “عمل كلاسيكي جديد”
ورُغم عدم حصوله بعد على الفترة الكافية في العرض بعكس هجوم العمالقة، إلاّ أن أنمي قاتل الشياطين Demon Slayer بدوْره خطى أولى خطواته نحو طريق تزيّنه الورود نحو دخول قائمة كلاسيكيات الجيل الجديد، ويمكن القول أن الأمر كله جاء يمحض الصدفة، أو جزء منه على الأقل. فلا يمكن إنكار مستوى الرسم والتحريك الممتاز الذي قُدّم في حلقات الموسم الأول للأنمي وللفيلم من بعده، رُغم عدم تقديم قاتل الشياطين أي جديد يذكر على مستوى القصة، كونه عمل شونين تقليدي، لكن العمل تمكّن من جذب أنظار الملايين حول العالم وليس داخل اليابان فقط، وتمكن فيلم “القطار اللانهائي” من تحقيق مليارات في شباك التذاكر الياباني ونجاح مذهل خارج اليابان.
اقرأ أيضًا: مقالات أنمي ماستر: جوْلة في الأساطير اليابانية التي شكّلت عالم أنمي Demon Slayer!
لذا حتى وإن لم يتمكّن قاتل الشياطين من الحفاظ على تلك السمعة والنجاح خلال عرض الحلقات الجديدة من الموسم الثاني (المُرتقبة في ديسمبر من هذا العام) ، فهناك شيء سيستمر الكثيرون في تذكره به لسنوات قادمة، وهو أنه أكثر فيلم أنمي تحقيقًا للأرباح في تاريخ اليابان.
بالمثل، الأنميات الرياضية في اليابان ليست قليلة بحال، ولكن قليلٌ منها ما يبرز على السطح مُحققًا مكانة كبيرة بين المتابعين لدرجة كونه مؤثرًا على الثقافة والعقلية الرياضية للأفراد، لدرجة أن تصبح الرياضة التي تخصص فيها الأنمي رياضة ذات شعبية، وهنا نحن نتحدث عن أنميات مثل Captain Tsubasa أو كما يعرف لدينا باسم “كابتن ماجد” أو Slam Dunk وكلاهما ساهم في انتشار رياضتيْ كرة القدم وكرة السلة داخل اليابان، ومن بعدهما صدرت الكثير من تلك الأعمال الرياضية، ولكن أقربها لذلك التأثير ودون شك هو أنمي هايكيو، الذي غاص في عالم كرة الطائرة، وهي رياضة ليست بذلك الإنتشار داخل اليابان، أو هكذا كان الوضع وقتها…
اقرأ أيضًا : سلسلة مراجعات كلاسيكية _ الأيقونة الرابعة Haikyuu
الصورة في الأعلى تُظهر إحصائية تم تجهيزها لتوضّح لنا عدد اللاعين في المدارس الثانوية للعبة كرة الطائرة في اليابان عام 2012 وقت بداية صدور مانغا هايكيو، وكيف تغيّر الوضع مع مرور السنوات والزيادة الكبيرة في عدد الممارسين لتلك الرياضة تأثرًا بالمانغا ومن بعدها الأنمي! هذا هو التأثير الذي يضعك في مصاف الأعمال الكلاسيكية دون أي مجال للشك.
الشروط؟
من خلال الأمثلة السابقة يتبين لنا أن هناك شروطًا لحصول الأنمي بعد سنوات من عرضه على لقب “كلاسيكي”
فمثلاً هجوم العمالقة استطاع الحفاظ على شعبيته وقوّته طيلة 8 سنوات، وسيأتي أجيال تالية تبحث عن أنميات غيّرت وجه الصناعة وسيستمر العمل في جذب أنظار كل وارد جديد على عالم الأنمي.
وقاتل الشياطين استطاع تحطيم أرقام قياسية سيكون من الصعب على غيره تخطيها على الأقل خلال عقد قادم، وحتى ذلك الحين سيظل اسمه يتردد في عنان السماء ويكون وجهة لكل محبي الأنمي حول العالم.
أما هايكيو الذي تمكن من الوصول لقلوب وعقول الشباب في اليابان وحتى خارجها وساهم في رفع شعبية رياضة مختلفة وربما يكون سببًا في حصول بلد المنشأ اليابان على ميدالية أوليمبية أو بطولة عالمية في رياضة كانت بعيدة المنال سابقًا.
*الاستمرارية*
*النجاح*
*التأثير*
ثلاث كلمات بسيطة لكنها تحمل معها مثلثًا متصلًا يُحقق المعادلة ويُقدم مكانة الخلود لأنميات عاصرنا بدايتها وحلقتها الأولى حتى أصبحت اليوم وِجهة للمتابعين وستكون غدًا كلاسيكيات لجيل جديد.
شاركونا في التعليقات ما تتصوّرون أنه أصبح من كلاسيكيات الجيل الجديد؟